(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) أي واذكروا يا بني إسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) أي: وتضربوا القتيل ببعضها فيحيا، فيخبركم عن قاتله.
• قال ابن عاشور: تعرضت هذه الآية لقصة من قصص بني إسرائيل ظهر فيها من قلة التوقير لنبيهم ومن الإعنات في المسألة والإلحاح فيها إما للتفصي من الامتثال، وإما لبعد أفهامهم عن مقصد الشارع ورومهم التوقيف على ما لا قصد إليه.
وسبب ذلك: أنه وجد قتيل في بني إسرائيل ولا يعرف قاتله، فأتوا موسى وطلبوا منه أن يسأل ربه عن قاتله، فأمرهم بذبح بقرة فقال (أن تذبحوا بقرة).
وظاهر هذه الآية يدل على أنهم لو ذبحوا أيّ بقرة لأجزأت، ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم.
(قالُو اْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً) هذا جواب منهم لموسى لما قال لهم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً).
والهزء: اللعب والسخرية.
(قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) لأن الخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء جهل، فاستعاذ منه عليه الصلاة والسلام، لأنها صفة تنتفي عن الأنبياء.
قال أبو حيان (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) لما فهم موسى -عليه السلام- عنهم أن تلك المقالة التي صدرت عنهم إنما هي لاعتقادهم فيها أنه أخبر عن الله بما لم يأمر به، استعاذ بالله وهو الذي أخبر عنه، أن يكون من الجاهلين بالله، فيخبر عنه بأمر لم يأمر به تعالى، إذ الإخبار عن الله تعالى بما لم يخبر به الله إنما يكون ذلك من الجهل بالله تعالى.
• وفي الآية دليل على أن الذي يستهزئ بالناس جاهل سفيه.
(قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ) أي ما سنها.