سادساً: ويقصر المسافر إذا خرج من بنيان بلده.
لقوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) ولا يكون ضارباً في الأرض حتى يخرج، وقبل مفارقته لا يكون ضارباً فيها.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يقصر إذا ارتحل.
قال أنس: (صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين). متفق عليه
ولحديث أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَال أَوْ فَرَاسِخَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قال النووي: وأما حديث أنس فليس معناه أن غاية سفره كانت ثلاثة أميال، بل معناه أنه كان إذا سافر سفراً طويلاً فتباعد ثلاثة أميال قصر ".
فهذا دليل على أنه لا يجوز القصر حتى يفارق بنيان بلده.
وهذا مذهب جماهير العلماء: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد.
سابعاً: الصلوات التي تقصر الصلوات الرباعية، وقد نقل الإجماع في ذلك ابن حزم في المحلى، وابن قدامة في المغني نقلاً عن ابن المنذر.
فالمغرب لا تقصر لأنها وتر النهار، فلو قصرت منها ركعة لم يبق منها وتراً، ولو قصرت ركعتان فإنه إجحاف بها بذهاب أكثرها، وأما الصبح فتبقى على ما هي عليه، لأن قصرها إلى واحدة إجحاف بها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، زَادَ أَحْمَدُ: (إِلَّا اَلْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرُ اَلنَّهَارِ، وَإِلَّا اَلصُّبْحَ، فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا اَلْقِرَاءَةُ).
ثامناً: إذا أذن المؤذن وهو في البلد، ثم سافر، هل يقصر أم لا؟
الجواب: نعم يقصر ويجمع، لأن العبرة بفعل الصلاة لا بالوقت.