(وَكُتُبِهِ) الإيمان بالكتب: هو التصديق الجازم بأن لله كتباً أنزلها على أنبيائه ورسله، وهي من كلامه حقيقة، وأنها نور وهدى، وأن ما تضمنته حق وصدق، ولا يعلم عددها إلا الله، وأنه يجب الإيمان بها مجملة إلا ما سمي منها وهي: التوراة أنزلت على موسى، والإنجيل أنزلت على عيسى، والزبور أنزلت على داود، والقرآن أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أولاً: أن رسالتهم حق من عند الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر برسالة الجميع.
كما قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل، مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه.
ثانياً: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، وقد ذكر الله في كتابه خمسة وعشرين نبياً ورسولاً، وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالاً، فالله أرسل رسلاً لم يقصصهم علينا ولا يعلم عددهم إلا الله قال تعالى (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً).
ثالثاً: الإيمان بأنهم بلغوا جميع ما أرسلوا به على ما أمرهم الله به، وأنهم بينوا بياناً لا يسع أحداً ممن أرسلوا إليه جهله قال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فالمؤمنون يصدقون بجميع الأنبياء والرسل، لا يفرقون بين أحد منهم، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مَهْديون هادون إلى سُبُل الخير، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله، حتى نُسخ الجميع بشرع محمدّ -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي تقوم الساعة على شريعته، ولا تزال طائفة من أمته على
الحق ظاهرين.
وهذا بخلاف الذين قال الله عنهم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً).