(وَقَالُوا) أي: وقال الرسول والمؤمنون.
(سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) أي: سمعنا ما أمرتنا به، وما نهيتنا عنه (وَأَطَعْنَا) أي: وانقدنا لذلك بجوارحنا فعلاً للمأمورات وتركاً للمحظورات.
• فالفرق بين السمع والطاعة، أن السمع هو القبول، والطاعة هي الامتثال والانقياد.
وهكذا صفات أهل الإيمان أن يقولوا سمعنا وأطعنا، كما قال تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وقال عنهم (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا).
بخلاف المكذبين من اليهود وغيرهم الذين قال الله عنهم (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا).
وقال تعالى عنهم (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ).
(غُفْرَانَكَ رَبَّنَا) أي: نسألك غفرانك، والمغفرة: ستر الذنب والتجاوز عنه.
(وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي: إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب.
كما قال تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ).
وقال تعالى (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
وقال تعالى (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم.
كما قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا).
وقال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
وقال تعالى (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ).
وقال تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
وهذه هي الناسخة الرافعة لما كان أشفق منه الصحابة، في قوله (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه) أي: هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه، فأما ما لا يمكن دفعه من وسوسة النفس وحديثها، فهذا لا يكلف به الإنسان، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان.
(لَهَا مَا كَسَبَتْ) أي: من خير.
(وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) أي: من شر.
• قال في التسهيل: وجاءت العبارة بلها في الحسنات لأنها مما ينتفع العبد به، وجاءت بعليها في السيئات لأنها مما يضر العبد، وإنما قال في الحسنات كسبت وفي الشرّ اكتسبت، لأنّ في الاكتساب ضرب من الاعتمال والمعالجة، حسبما تقتضيه صيغة افتعل، فالسيئات فاعلها يتكلف مخافة أمر الله، ويتعدّاه بخلاف الحسنات، فإنه فيها على الجادّة من غير تكلف، أو لأنّ السيئات يجدّ في فعلها لميل النفس إليها، فجعلت لذلك مكتسبة، ولا لم يكن الإنسان في الحسنات كذلك: وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال.