للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فمعنى الآية: وكلوا بالليل في شهر صومكم واشربوا وباشروا نساءكم مبتغين ما كتب الله لكم من الولد، من أول الليل إلى أن يقع لكم ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده.

(مِنَ الْفَجْرِ) أي: حتى طلوع الفجر.

(ثُمَّ) أي: إذا طلع الفجر

(أَتِمُّوا الصِّيَامَ) أي: أكملوا الصيام، وهو الإمساك عن المفطرات.

(إِلَى اللَّيْلِ) وهو غروب الشمس.

عن عمر بن الخطاب قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم). متفق عليه

(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) أي ولا تقربوهن ما دمتم عاكفين في المسجد ولا في غيره.

فلا يجوز للمعتكف في المسجد في رمضان ولا في غيره جماع زوجته، ولا فعل مقدمات الجماع، لا ليلاً ولا نهاراً، ولو خرج لحاجة فليس له فعل شيء من ذلك.

وأما المباشرة بمعنى لمس البشرة لمعاطاة شيء ونحو ذلك فلا حرج فيها، لما روته عائشة قالت (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدني إليّ رأسه وهو معتكف، فأرجله وأنا حائض) متفق عليه.

• الاعتكاف لغة: لزوم الشيء والمداومة عليه، كما قال تعالى (مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ).

وشرعاً: لزوم مسجد لطاعة الله والتعبد له والانقطاع إليه.

[وفي الآية مشروعية الاعتكاف، ومن أدلة مشروعيته]

أ- قوله تعالى (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).

ب- حديث الباب.

ج- قوله -صلى الله عليه وسلم- ( … فمن أحب أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر) رواه مسلم.

• والحكمة منه: التفرغ للعبادة، والانقطاع عن العوائق والشواغل.

قال ابن تيمية: ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبُّه ويعظِّمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى.

• ويجب بالنذر.

قال الحافظ: وليس واجباً إجماعاً إلا على من نذره.

لحديث عمر أنه قال (يا رسول الله إني نذرت أني أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال: أوف بنذرك). متفق عليه

ولحديث عائشة (من نذر أن يطيع الله فليطعه). رواه البخاري

• وآكد الاعتكاف في رمضان، وأفضله العشر الأواخر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتكفها حتى توفاه الله عز وجل.

ففي حديث الباب (كَانَ يَعْتَكِفُ اَلْعَشْرَ اَلْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اَللَّهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>