للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجح ابن جرير أن الآية أعم من هذا كله، حيث قال: ..... غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال: معناه: وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد، لأنه عقيب قوله (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) بمعنى جامعوهن، فلأن يكون قوله (وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) بمعنى: وابتغوا ما كتب الله في مباشرتكم إياهن من الولد والنسل، أشبه بالآية من غيره من التأويلات التي ليس على صحتها دلالة من ظاهر التنزيل، ولا خبر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

• قد أبحنا لكم الإفضاء إلى نسائكم في ليالي رمضان بعد أن كان محرما عليكم فضلا منا ورحمة بكم فالآن باشروهن واطلبوا من وراء هذه المباشرة ما كتبه لكم اللّه من الذرية الصالحة ومن التعفف عن إتيان الحرام.

وفي هذا إشعار بأن النكاح شرع ليبتغى به النسل حتى يتحقق ما يريده اللّه تعالى من بقاء النوع الإنساني، ومن صيانة المرء نفسه عن الوقوع في فاحشة الزنا.

(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ … ) أباح الله تعالى الأكل والشرب مع ما تقدم من إباحة الجماع في أي الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصبح من سواد الليل، وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود، ورفع اللبس بقوله (مِنَ الْفَجْرِ).

والمقصود من الخيط الأبيض: أول ما يبدو من الفجر الصادق المعترض في الأفق قبل انتشاره.

والمقصود من الخيط الأسود: ما يمتد مع بياض الفجر من ظلمة الليل.

كما جاء في الحديث عند البخاري عن سهل بن سعد قال (أنزلت: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، ولم ينزل (مِنَ الْفَجْرِ) فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل بعد (مِنَ الْفَجْرِ) فعلموا أنه يعني الليل والنهار). رواه البخاري

وعن عدي بن حاتم قال (لما نزلت هذه الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، عمدت إلى عقالين: أحدهما أسود والآخر أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، قال: فجعلت أنظر إليهما، فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بالذي صنعت، فقال: إن وسادتك إذاً لعريض، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل). متفق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>