للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧)). [النساء: ٧٧].

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصلاة .... ) اختلف العلماء في هذه الآية.

فقيل: هم جماعة من الصحابة أمروا بترك القتال في مكة بعد أن تسرعوا إليه، فلما كتب عليهم بالمدينة تثبطوا عن القتال من غير شك في الدين بل خوفاً من الموت وفرقاً من هول القتل.

وقيل: إنها نزلت في اليهود.

وقيل: في المنافقين أسلموا قبل فرض القتال، فلما فرض كرهوه ورجح هذا القرطبي وقال:

وهذا أشبه بسياق الآية لقوله (وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال … ) ومعاذ الله أن يصدر هذا القول عن صحابي كريم يعلم أن الآجال محدودة والأرزاق مقسومة، بل كانوا لأوامر الله ممتثلين سامعين طائعين، يرون الوصول إلى الدار الآجلة خيراً من المقام في الدار العاجلة، ثم قال رحمه الله: اللهم إلا أن يكون قائله ممن لم يرسخ في الإيمان قدمه، ولا انشرح بالإسلام جنانه، فإن أهل الإيمان متفاضلون فمنهم الكامل ومنهم الناقص.

- قال الرازي: واحتج الذاهبون إلى هذا القول بأن الآية مشتملة على أمور تدل على أنها مختصة بالمنافقين.

فالأول: أنه تعالى قال في وصفهم (يَخْشَوْنَ الناس كَخَشْيَةِ الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) ومعلوم أن هذا الوصف لا يليق إلا بالمنافق، لأن المؤمن لا يجوز أن يكون خوفه من الناس أزيد من خوفه من الله تعالى.

والثاني: أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا (ربنا لم كتبت علينا القتال) والاعتراض على الله ليس إلا من صفة الكفار والمنافقين.

الثالث: أنه تعالى قال للرسول (قُلْ متاع الدنيا قَلِيلٌ والآخرة خَيْرٌ لّمَنِ اتقى) وهذا الكلام يذكر مع من كانت رغبته في الدنيا أكثر من رغبته في الآخرة، وذلك من صفات المنافقين. (تفسير الرازي).

والذي يظهر أنها في طائفة من المؤمنين تشوفوا للجهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>