(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) اختلف العلماء في المراد بهم على قولين:
فقيل: هم علماء اليهود والنصارى، ورجحه ابن جرير.
والدليل عليه أن الذين تقدم ذكرهم هم أهل الكتاب فلما ذم طريقتهم وحكى عنهم سوء أفعالهم، أتبع ذلك بمدح من ترك طريقتهم، بل تأمل التوراة وترك تحريفها وعرف منها صحة نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
قال الطبري: بل عني الله بذلك علماء بني إسرائيل الذين آمنوا بالله وصدقوا رسلَه، فأقروا بحكم التوراة، فعملوا بما أمر الله فيها من اتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- والإيمان به، والتصديق بما جاء به من عند الله، وهذا القول أولى بالصواب.
وقيل: هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والصحيح أن الآية عامة.
(يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي: أنهم يعلمون بما فيه، فيحلُّون حلاله، ويحرّمون حرامه، فيكون من تلاه يتلوه إذا اتبعه، ومنه قوله تعالى (والقمر إِذَا تلاها) أي: اتبعها، كذا قيل، ويحتمل أن يكون من التلاوة: أي: يقرءونه حق قراءته لا يحرّفونه، ولا يبدّلونه. (فتح القدير).