(وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)). [سورة البقرة: ١١٥].
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي هما له ملك، وما بينهما من الجهات والمخلوقات بالإيجاد والاختراع، وخصهما بالذكر والإضافة له تشريفاً، نحو: بيت الله، وناقة الله.
قال السعدي: خصهما بالذكر، لأنهما محل الآيات العظيمة، فهما مطالع الأنوار ومغاربها، فإذا كان مالكاً لها، كان مالكاً لكل الجهات.
في هذا الآية قال تعالى (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) وجاء في آية أخرى بلفظ التثنية كقوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) وجاء في آية أخرى بلفظ الجمع كقوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ)؟ فاختلف العلماء في الجمع بينها؟
القول الأول: أن المراد بالمشرق والمغرب - بلفظ الإفراد - الجهة التي تشرق منها الشمس، والجهة المقابلة التي تغيب فيها الشمس، فالمشرق هو موضع الشروق، والمغرب: هو موضع الغروب.
والمراد بهما - بلفظ التثنية - فهو مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما، وأما المراد بهما - بلفظ الجمع - فهو مشارق السنة ومغاربها، فللشمس مشرق كل يوم يختلف عن مشرقها في اليوم الآخر على مدار السنة، وكذلك مغربها وهي ثلاثمائة وستون مشرقاً،
وكذلك المغارب بعدد أيام السنة.
ذهب إلى هذا المسلك ابن عباس وتابعه مجاهد وقتادة ورجحه الطبري والبغوي وابن القيم والسمرقندي وابن كثير والسيوطي والشنقيطي.
القول الثاني: أن المراد بالمشرق والمغرب - بلفظ الإفراد - اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار، والمراد بهما - بلفظ التثنية: أطول يوم في السنة، وأقصر يوم في السنة، وأما المراد بهما - بلفظ الجمع - مشارق السنة ومغاربها. (آيات العقيدة التي قد يوهم ظاهرها التعارض).
(فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا) أي: تتجهوا.
(فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) أي: هنالك وجه الله.
[اختلف العلماء هل هذه الآية من آيات الصفات أم لا على قولين]
القول الأول: ذهبت طائفة إلى أنها من آيات الصفات، وأن المراد بالآية وجه الله الذي هو صفة من صفاته سبحانه.
وقال بذلك: ابن خزيمة، والبيهقي، وابن القيم، وعبد الرحمن السعدي، وابن عثيمين.