[نسخ السنة بالسنة.]
مثاله: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) رواه مسلم.
فلما قال (كنت نهيتكم) علم أن النهي من السنة.
• ما يمتنع نسخه:
أولاً: الأخبار، لأن النسخ محله الحكم، ولأن نسخ أحد الخبرين يستلزم أن يكون أحدهما كذباً، والكذب مستحيل في إخبار الله ورسوله.
ثانياً: الأحكام التي فيها مصلحة في كل زمان ومكان، كالتوحيد وأصول الإيمان، وأصول العبادات، ومكارم الأخلاق من الصدق والعفاف والكرم والشجاعة ونحو ذلك، فلا يمكن نسخ الأمر بها، وكذلك لا يمكن نسخ النهي عما هو قبيح في كل زمان ومكان، كالشرك والكفر ومساوئ الأخلاق من الكذب والفجور والبخل والجبن.
• كيفية معرفة الناسخ والمنسوخ:
النقل الصريح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن صحابي، كحديث: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها). رواه مسلم
ومثال: ما علم بخبر صحابي، كقول عائشة: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات). رواه مسلم
معرفة المتقدم من المتأخر في التاريخ. مثاله: قوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) فقوله (الآن) يدل على تأخر هذا الحكم.
• شروط النسخ:
١ - تعذر الجمع بين الدليلين، فإن أمكن الجمع فلا نسخ، لإمكان العمل بكل منهما.
٢ - العلم بتأخر الناسخ، وَيُعْلَمُ ذلك: إما بالنص أو بخبر صحابي أو بالتاريخ، وقد سبق ذلك قبل قليل.
مثال الجمع بين الدليلين إن أمكن:
ذهب كثير من أهل العلم أن الإمام إذا صلى قاعداً وجب على المأمومين القادرين على القيام أن يصلوا قياماً، واستدلوا: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات يوم في مرض موته والناس يصلون خلف أبي بكر، فتقدم حتى جلس عن يسار أبي بكر فجعل يصلي بهم -صلى الله عليه وسلم- قاعداً وهم قيام هم يقتدون بأبي بكر وأبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. رواه مسلم
قالوا: وهذا في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ناسخاً لحديث: (وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً). رواه مسلم
وذهب بعض العلماء إلى الجمع بين الدليلين، فقالوا:
إذا صلى الإمام بالمأمومين قاعداً من أول الصلاة، فليصلوا قعوداً، لحديث (وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) وإن صلى بهم قائماً، ثم أصابته علة فجلس، فإنهم يصلون قياماً.
قال الشيخ محمد حفظه الله: وبهذا يحصل الجمع بين الدليلين، والجمع بين الدليلين إعمال لهما جميعاً.