• والخشية أخص من الخوف، والفرق بينهما من وجوه:
أولاً: الخشية مع العلم، والخوف قد لا يكون.
ثانياً: الخشية تكون لعظمة المخشي، وأما الخوف لضعف الخائف أو يكون المخوف منه قوياً، قال تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
• قال الرازي: فالمعنى لا تخشوا من تقدم ذكره ممن يتعنت ويجادل ويحاج، ولا تخافوا مطاعنهم في قبلتكم فإنهم لا يضرونكم، واخشوني، يعني احذروا عقابي إن أنتم عدلتم عما ألزمتكم وفرضت عليكم، وهذه الآية يدل على أن الواجب على المرء في كل أفعاله وتروكه أن ينصب بين عينيه: خشية عقاب الله، وأن يعلم أنه ليس في يد الخلق شيء ألبتة، وأن لا يكون مشتغل القلب بهم، ولا ملتفت الخاطر إليهم.
• وقال القرطبي: ومعنى الآية التّحقير لكل مَن سوى الله تعالى، والأمر باطراح أمرهم ومراعاة أمر الله تعالى.
• في الآية الأمر بخشية الله وخوفه، وللخوف من الله فضائل:
أولاً: أنه من علامات الإيمان.
قال تعالى (فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
ثانياً: مدح الله أنبياءه بالخوف منه.
كما قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
ثالثاً: الخوف من الله يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة.
ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث السبعة (ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) فالخشية الموجبة لدمع العين تؤدي إلى أن النار لا تمس العين يوم القيامة.
رابعاً: الخوف سبب للنجاة من كل سوء
قال -صلى الله عليه وسلم- (ثلاث منجيات: وذكر منها: خشية الله تعالى في السر والعلانية).
خامساً: أثنى الله على ملائكته بشدة خوفهم منه.
كما قال تعالى (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ).
سادساً: من صفات الرجال العظماء.
قال تعالى (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).
سابعاً: من صفات الأبرار خوفهم من عدم القبول.
قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) أي: والذين يعطون ويعملون ويخافون أن لا يتقبل منهم.