للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفوائد]

١ - أن الله سبحانه وتعالى سخر الشياطين لسليمان، وامتحن الناس بهم، لقوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ).

٢ - أن سليمان -عليه السلام- لم يكفر بكفر هؤلاء الشياطين الذين تعلموا السحر وصاروا يتلونه ويلقونه على الناس، وذلك لأن الأنبياء معصومون من الكفر والشرك.

٣ - أن اليهود أخذوا السحر عن الشياطين.

٤ - أن العمل بالسحر كفر، لقوله تعالى: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا … ).

٥ - أن تعليم الناس السحر من الكفر، لقوله تعالى: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ).

٦ - أن الحق ما أذن الله فيه وأمر به ولو كان في نفسه باطلاً، فهذان الملكان نزلا إلى الأرض ليعلما الناس السحر، وتعليم السحر كما سبق كفر، لكن الله عز وجل أباح لهذين الملكين أن يعلما الناس من أجل هذا الامتحان الذي حصل بتعليمهما.

الشيء قد يكون كفراً، وقد يكون طاعة ولو كان واحداً من نوعه، وأضرب لهذا مثلين:

أحدهما: السجود لغير الله، كفر وشرك، وإذا سجد الإنسان لغير الله بأمر الله كان عبادة، ألم تر قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) فهنا نجد أن السجود لغير الله كان طاعة وعبادة، لأن الله أمر به، ويكون شركاً في الحالة التي لم يأمر الله به فيها.

الثاني: قتل النفس، فإنه من كبائر الذنوب، ولا سيما إذا كان المقتول من أقارب القاتل، ومع ذلك كان طاعة يمدح عليه، وذلك في قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام.

فالملكان اللذان نزلا يعلمان الناس السحر نزلا بأمر الله وبإذن الله، فكان تعليمهما للسحر طاعة لله، لكنه باعتبار المعلَّم كفر، ولهذا قال: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ).

٧ - أن الله تعالى قد ييسر للإنسان أسباب المعصية ليبلوه هل يعصي الله أم لا، فالله يسّر تعلم السحر بما أنزل على الملكين وبما بذلاه من أنفسهما لتعليم الناس، وكما في قصة أصحاب السبت حين حرّم عليهم صيد البحر يوم السبت، فلم يصبروا حتى تحيلوا على صيدها يوم السبت فقال الله تعالى (كونوا قردة خاسئين).

<<  <  ج: ص:  >  >>