(وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) تذكير بتقوى الله، فلا ينكر ما ائتمن عليه من دين وغيره، ولا يبخس منه شيئاً أو يماطل في أدائه.
• قال ابن عاشور: وقد أطلق هنا اسم الأمانة على الدَّين في الذمّة وعلى الرهن لتعظيم ذلك الحق لأنّ اسم الأمانات له مهابَة في النفوس، فذلك تحذير من عدم الوفاء به؛ لأنّه لما سمّي أمانة فعدم أدائه ينعكس خِيانة؛ لأنّها ضدّها، وفي الحديث: أدِّ الأمَانَة إلى من ائتَمنك ولا تَخن من خانك.
• قال الرازي:(وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) أي: هذا المديون يجب أن يتقي الله ولا يجحد، لأن الدائن لما عامله المعاملة الحسنة حيث عول على أمانته ولم يطالبه بالوثائق من الكتابة والإشهاد والرهن فينبغي لهذا المديون أن يتقي الله ويعامله بالمعاملة الحسنة في أن لا ينكر ذلك الحق، وفي أن يؤديه إليه عند حلول الأجل، وفي الآية قول آخر، وهو أنه خطاب للمرتهن بأن يؤدي الرهن عند استيفاء المال فإنه أمانة في يده، والوجه هو الأول.
• استدل بالآية من قال بجواز الرهن حال السفر فقط، وذهب جماهير العلماء إلى جوازه في الحضر والسفر.
قال جمهور من العلماء: الرّهْنُ في السفر بنص التنزيل، وفي الحضر ثابت بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذا صحيح.
وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً إلى أجلٍ ورهنه دِرعاً له من حديد.
وأخرجه النسائي من حديث ابن عباس قال (توفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودِرْعُه مرهونةٌ عند يهوديّ بِثلاثين صاعاً من شعير لأهله).
(وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ) أي: لا تخفوها وتجحدوا ما شهدتم به، بإنكار الشهادة أصلاً، أو بالتغيير فيها أو التبديل، بزيادة أو نقصان أو غير ذلك.
(وَمَنْ يَكْتُمْهَا) بإخفاء أو بتغيير أو تبديل.
(فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) أي: آثم بفعل ذلك.
وهذه كقوله تعالى (وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ).