• ثم ذكر تعالى القسم الثاني من النساء فقال:
(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) أي: والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن.
• والنشوز لغة: مأخوذ من النشز وهو المكان المرتفع من الأرض، واصطلاحاً: معصية الزوجة الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته.
• ذكر الله تعالى علاج المرأة الناشز فقال:
(فَعِظُوهُنَّ) بأن يذكرها بما يلين قلبها، ويصلح عملها من ثواب وعقاب، يخوفها بالله سبحانه وتعالى وأليم عقابه، ويذكرها بما أعد الله للمرأة العاصية لزوجها من أليم عقابه:
مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح) رواه مسلم.
ومثل: قوله -صلى الله عليه وسلم- (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) رواه أبو داود.
فإذا لم ينفع هذا العلاج ينتقل إلى الأمر الثاني وهو:
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) هذا العلاج الثاني من علاج نشوز المرأة، وهو هجرها في المضجع.
لقوله تعالى (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ).
• وتركها في المضجع على ثلاثة أوجه:
أولاً: أن لا ينام في حجرتها، وهذا أشد شيء.
ثانياً: أن لا ينام على الفراش معها، وهذا أهون من الأول.
ثالثاً: أن ينامع معها في الفراش، ولكن يلقيها ظهره ولا يحدثها، وهذا أهونها.
ويبدأ بالأهون فالأهون، لأن ما كان المقصود به المدافعة فالواجب البداءة بالأسهل فالأسهل.
• ويهجرها ماء شاء حتى ترتدع وترجع.
(وَاضْرِبُوهُنَّ) أي: فإن لم ترتدع ولم ينفع معها الوعظ والهجر، ضربها.
• و هذا الضرب يشترط أن يكون غير مبرح أي: غير شديد.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إن لكم عليهن أن لا يُوطِئنَ فُرُشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلنَ فاضربوهن ضرباً غير مبرح) رواه مسلم.
لأن المقصود التأديب والزجر والإصلاح، لا الإيذاء والضرر والانتقام، ويتقي الوجه والمقاتل.
• هذه المراتب إذا كان الزوج قائماً بالحقوق، أما إذا لم يقم بحقوق الزوجة فلا يحل له أن يسلك هذه المراتب.
(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) أي: فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها، مما أباحه الله له منها.
• قال الرازي: أي إذا رجعن عن النشوز إلى الطاعة عند هذا التأديب.