• وقال الطبري وتصريف الله إياها: أن يرسلها مرة لواقح، ومرة يجعلها عقيماً، ويبعثها عذاباً تدمر كل شيء بأمر ربها. (وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) أي: سائر بين السماء والأرض، مسخر إلى ما يشاء الله من الأراضي والأماكن كما يصرفه تعالى.
• قال الشنقيطي: لم يبين هنا كيفية تسخيره، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله (وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حتى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ المآء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثمرات كذلك نُخْرِجُ الموتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون)، وقوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ).
(لَآياتٍ) أي: لعلامات ودلالات وبراهين.
• قال القاسمي: عظيمة كثيرة، فالتنكير للتفخيم كَمّاً وكيفاً.
(لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي: يتفكرون فيها وينظرون إليها بعين العقول، فيستدلون على قدرته، سبحانه، القاهرة، وحكمته الباهرة، ورحمته الواسعة المقتضية لاختصاص الألوهية به جل شأنه.
• قال السعدي: والحاصل، أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات، وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك، أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائف آيات، وكتب دلالات، على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مسخرات، ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.
فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله، ولا رب سواه.
• يختم الله كثيرًا من الآيات عندما يبين للعباد الأصول و الأحكام النافعة بقوله: لعلكم تعقلون وهذا يدل على أمور:
منها: أن الله يحب منا أن نعقل أحكامه و إرشاداته و تعليماته، فنحفظها و نفهمها و نعقلها بقلوبنا، ونؤيد هذا العقل ونثبته بالعمل بها.
ومنها: أنه كما يحب منا أن نعقل هذا الحكم الذي بينه بيانًا خاصًا، فإنه يحب أن نعقل بقية ما أنزل من الكتاب و الحكمة، وأن نعقل آياته المسموعة و آياته المشهودة.