للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا) أي: فيتعلم الذين يجترئون على تعلم السحر بعد تحذيرهم منه (مِنْهُمَا) أي: من هاروت وماروت.

(مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) (ما) موصولة بمعنى (الذي) أي: السحر الذي يفرقون به بين المرء وزوجه، وهذا من أشد أنواع السحر وأخبثها وأعظمها ضرراً، يخيل فيه لكل واحد من الزوجين المسحورين صاحبه بأقبح صورة، حتى يكرهه وينصرف عنه ويفارقه، وهذا ما يسمى بالصرف.

وهذا من صنيع الشياطين كما قال -صلى الله عليه وسلم- (إن الشيطان ليضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة .... ) رواه مسلم.

• وفي هذا دليل على أن للسحر تأثيراً في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد.

(وَمَا هُمْ) إشارة إلى السحرة، وقيل: إلى اليهود، وقيل: إلى الشياطين

(بِضَارِّينَ بِهِ) أي: بالسحر، لأن الحديث عنه.

(مِنْ أَحَدٍ) أي: أحداً.

(إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أي: إلا بإرادته وقضائه وقدره وعلمه سبحانه وتعالى، فلا تأثير للسحر بذاته، فمن قضى الله كوناً وقدراً أن يضره السحر ضره، ومن قضى أن لا يضره السحر فلا يمكن أن يضره أبداً.

• واختار ابن جرير في قوله (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أي: لمن سبق في علم الله أن يحصل له ذلك:

فقال رحمه الله (وما هم بضارين) بالذي تعلموا من الملكين من أحد إلا بعلم الله، يعني بالذي سبق له في علم الله أنه يضره.

قال الحسن: (وما هم بضارين به … ) قال: نعم، من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط، ولا يستطيعون ضر أحد إلا بإذن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>