• قال الشيخ ابن عثيمين (فمن عفي له) المعفو عنه القاتل (من أخيه) المراد به المقتول - أي من دم أخيه - فأيّ قاتل عفي له من دم أخيه شيء سقط القصاص.
• قال السعدي (فمن عفي له من أخيه) ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجاناً.
• وقال الخازن: (فمن عفي له من أخيه شيء) أي: ترك له وصفح عنه من الواجب عليه وهو القصاص في قتل العمد، ورضي بالدية أو العفو عنها، أو قبول الدية في قتل العمد من أخيه أي من دم أخيه وأراد بالأخ ولي المقتول، وإنما قيل له أخ لأنه لابسه من قبل أنه ولي الدم والمطالب به. وقيل: إنما ذكره بلفظ الأخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بما هو ثابت بينهما من الجنسية وأخوة الإسلام.
• وقال ابن عاشور (فمن عفي له) هو ولي المقتول وإن المراد بأخيه هو القاتل وصفاً بأنه أخ تذكيراً بأخوة الإسلام وترقيقاً لنفس ولي المقتول؛ لأنه إذا اعتبر القاتل أخاً له كان من المروءة ألا يرضى بالقَوَد منه؛ لأنه كمن رضي بقتل أخيه.
وقال: في قوله (وأخيه) دليل على أن القاتل لا يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى سائر المعاصي التي هي دون الكفر، ولا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص بذلك إيمانه.
(فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أي: فإذا عفى عنه، وجب على الولي (أي ولي المقتول) أن يتبع القاتل ويطالبه (بالمعروف) من غير أن يشق عليه ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب ولا يحرجه.
• قال الخازن (فاتباع بالمعروف) أي: فليتبع الولي القاتل بالمعروف فلا يأخذ أكثر من حقه ولا يعنفه.
• قال الرازي: الاتباع بالمعروف أن لا يشدد بالمطالبة، بل يجرى فيها على العادة المألوفة فإن كان معسراً فالنظرة، وإن كان واجداً لعين المال فإنه لا يطالبه بالزيادة على قدر الحق، وإن كان واجداً لغير المال الواجب، فالإمهال إلى أن يبتاع ويستبدل، وأن لا يمنعه بسبب الاتباع عن تقديم الأهم من الواجبات.
(وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) وعلى القاتل [أداء إليه بإحسان] من غير مطل ولا نقص ولا إساءة فِعْليّة أو قولية، فهل جزاء الإحسان بالعفو، إلا الإحسان بحسن القضاء، فكما أنه عفَى عنه فينبغي أن يحسن إليه بحسن القضاء. فالضمير في قوله (إليه) يعود على العافي بإحسان، والمُؤدَّى: ما وقع الاتفاق عليه.
• قال الرازي: فأما الأداء بإحسان فالمراد به أن لا يدعي الإعدام في حال الإمكان ولا يؤخره مع الوجود، ولا يقدم ما ليس بواجب عليه، وأن يؤدي ذلك المال على بشر وطلاقة وقول جميل.
• قال الخازن (وأداء إليه بإحسان) أي: على القاتل أداء الدية إلى ولي الدم من غير مماطلة، أمر كل واحد منهما بالإحسان فيما له وعليه.