(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) تقدم شرحها.
• قال القرطبي: إن قال قائل: ما فائدة هذا التكرير؟ فعنه جوابان
أحدهما: أنه كرر تأكيداً؛ ليتنبه العباد وينظروا ما في ملكوته وملكه وأنه غني عن العالمين.
الجواب الثاني: أنه كرر لفوائد: فأخبر في الأوّل أن الله تعالى يغني كلا من سعته، لأن له ما في السموات وما في الأرض فلا تنفذ خزائنه.
• وقال البغوي: فإن قيل: فأي فائدة في تكرار قوله تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ).
قيل: لكلّ واحد منهما وجه.
أمّا الأول: فمعناه لله ما في السموات وما في الأرض وهو يُوصيكم بالتقوى فاقبلوا وصيتَه.
وأمّا الثاني فيقول: فإن لله ما في السموات وما في الأرض وكان الله غنيًّا أي: هو الغني وله الملك فاطلبوا منه ما تطلبون.
وأمّا الثالث فيقول (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا) أي: له الملك فاتخذوه وكيلاً ولا تتوكلوا على غيره.
• وقال الشيخ ابن عثيمن: هذه تكرار، لكنه تكرار مهم، ففي الأول بيان غناه عز وجل عن خلقه، وفي الثاني: بيان مراقبته لخلقه، فالآية الأخيرة تتضمن التحذير من المخالفة، والأولى تتضمن الأمر بالموافقة.
(وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً) لمن توكل عليه واعتمد عليه سبحانه.
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) أي: هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه.
كما قال تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).
وقال تعالى (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ).
• قال القرطبي: قوله تعالى: (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يعني بالموت (أَيُّهَا الناس) يريد المشركين والمنافقين (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) يعني بغيركم.
ولما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ظهر سلمان وقال: " هم قوم هذا " وقيل: الآية عامة، أي وإن تكفروا يذهبكم ويأت بخلق أطوع لله منكم.
وهذا كما قال في آية أُخرى (وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يكونوا أَمْثَالَكُم).
وفي الآية تخويف وتنبيه لجميع من كانت له ولاية وإمارة ورياسة فلا يعدل في رعيته، أو كان عالماً فلا يعمل بعلمه ولا ينصح الناس، أن يُذهبه ويأتيَ بغيره.