القول الثاني: أنها منسوخة.
وإليه ذهب ابن عباس في أحد قوليه، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، وقتادة وغيرهم.
قالوا: إن قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ناسخة لقوله (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ).
• في الآية الأمر بتقوى الله، وقد جاءت آيات كثيرة تأمر بتقوى الله:
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
وقال تعالى (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
التقوى مأخوذة من الوقاية، وهي: أن يجعل الإنسان لنفسة وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
• وهذا من أجمع التعاريف، وقد جاء في معناها آثار عدة عن السلف كلها داخلة تحت خذا المعنى.
قال علي: التقوى: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضى بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
وقال ابن مسعود: حقيقة تقوى الله: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
وقال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
قال ابن القيم: وهذا من أحسن ما قيل في حد التقوى.
وروي أن عمر بن الخطاب سأل أبي بن كعب عن التقوى؟ فقال: هل أخذت طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم، قال: فما عملت؟ قال: تشمرت وحذرت، قال: فذاك التقوى.
قال ابن المعتز:
خل الذنوب صغيرها … وكبيرها فهو التقى
كن مثل ماش فوق … أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة … إن الجبال من الحصى