قال ابن القيم: مراتب التقوى:
التقوى ثلاث مراتب:
إحداها: حميّة القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات، والثانية: حميّتها عن المكروهات، والثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يعني.
فالأولى تعطي العبد حياته، والثانية تفيده صحته وقوته، والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته.
• قال علي بن أبي طالب: التقوى ترك الإصرار عل المعصية، وترك الاغترار وبالطاعة.
وقال الحسن: التقوى أن لا تختار عل الله سوى الله، وتعلم أن الأمور كلها بيد الله.
وقال إبراهيم بن أدهم: التقوى أن لا يجد الخلق في لسانك عيباً.
وقال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.
وقال الحسن: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام.
وقال الثوري: إنما سموا متقين، لأنهم اتقوا ما لا يُتقى.
• قال القرطبي: ذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من يَقْوى على هذا؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجل (فاتقوا الله مَا استطعتم) فنسخت هذه الآيةَ.
قال مقاتل: وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية.
وقيل: إن قوله (فاتقوا الله مَا استطعتم) بيانٌ لهذه الآية.
والمعنى: فاتّقوا الله حق تُقاته ما استطعتم، وهذا أصوب؛ لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أوْلىَ.
(وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي: حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك.
• قال الرازي: لفظ النهي واقع على الموت، لكن المقصود الأمر بالإقامة على الإسلام، وذلك لأنه لما كان يمكنهم الثبات على الإسلام حتى إذا أتاهم الموت أتاهم وهم على الإسلام، صار الموت على الإسلام بمنزلة ما قد دخل في إمكانهم، ومضى الكلام في هذا عند قوله (إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ الدين فَلَا تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).