• وحكم الهجرة ينقسم إلى أقسام:
الأول: قادر على الهجرة منها لا يمكنه إظهار دينه ولا أداء واجباته فالهجرة منه واجبة.
الثاني: قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته، فمستحبة لتكثير المسلمين بها ومعاونتهم وجهاد الكفار والراحة من رؤية المنكر بينهم.
الثالث: عاجز بعذر من أسر أو مرض أو غيره فتجوز له الإقامة.
(إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ) أي: الذين أصابهم الضعف من الرجال والنساء والولدان.
(لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) أي: لا يستطيعون الخلاص
(وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) أي: ولا يهتدون الطريق الموصل لدار الهجرة.
(فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ) قال البغوي: يتجاوز عنهم، وعسى من الله واجب، لأنه للإطماع، والله تعالى إذا أطمع عبداً أوصله إليه.
• ومن هؤلاء المستضعفين: ابن عباس وأمه.
عن ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قال (كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ، وَأُمِّى مِنَ النِّسَاءِ) رواه البخاري.
وفي رواية (كنت أنا وأمي ممن عذر).
ومنهم عياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، والوليد بن الوليد.
فعن أبي هريرة. قَالَ (كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو فِى الْقُنُوتِ: اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُف). متفق عليه
والعفو: التجاوز عن الذنب، ولا يكون ممدوحاً إلا مع القدرة.
(وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا) اسم من أسماء الله تعالى.
معناه: العفو التجاوز عن عباده في ترك واجب وفعل مرم.
• ومن كمال عفوه: أنه مهما أسرف الإنسان على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له قال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
• ولولا كمال عفوه، وسعة حلمه ما ترك على ظهر الأرض من دابة تدب ولا نفس تطرف (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ).
• وعفو الله عفو كامل لأنه مقرون بالقدرة كما قال هنا (عفواً قديراً) بخلاف عفو غيره فقد يكون للعجز، أي: العجز عن الأخذ بالثأر.