(يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ) القنوت دوام الطاعة في خضوع وخشوع.
• قال ابن كثير: ثم أخبر تعالى عن الملائكة: أنهم أمروها بكثرة العبادة والخشوع والخضوع والسجود والركوع والدؤوب في العمل لها، لما يريد الله تعالى بها من الأمر الذي قدره وقضاه، مما فيه محنة لها ورفعة في الدارين، بما أظهر الله تعالى فيها من قدرته العظيمة، حيث خلق منها ولدًا من غير أب، فقال تعالى (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) أما القنوت فهو الطاعة في خشوع كما قال تعالى (بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ).
• جاء في التفسير الوسيط: القنوت. لزوم الطاعة والاستمرار عليها، مع استشعار الخشوع والخضوع اللّه رب العالمين.
أي: قالت الملائكة أيضاً لمريم: يا مريم أخلصي العبادة للّه وحده وداومي عليها، وأكثري من السجود اللّه ومن الركوع مع الراكعين، فإن ملازمة الطاعات والصلوات من شأنها أن تحفظ النعم وأن تزيد الإنسان قرباً وحباً من خالقه عز وجل.
فالآية الكريمة دعوة قوية من اللّه تعالى لمريم ولعباده جميعاً بالمحافظة على العبادات ولا سيما الصلاة في جماعة.
• قوله تعالى (اقْنُتِي لِرَبِّكِ) اللام في قوله (لربك) للاختصاص، أي: قنوتاً خالصاً لله، أي: طاعة خالصة له، لأن من شرط الطاعة أن تكون خالصة لله.
(وَاسْجُدِي) أي: السجود المعروف.
وعطف السجود على القنوت من باب عطف الخاص على العام. وذكر الخاص بعد العام يدل على فضله ومزيته، ولذلك يعتبر السجود من أفضل الطاعات وفي الحديث (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).
(وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) الركوع معروف، والمعنى:(مع الراكعين) في جملتهم، وليس المراد أن تصلي مع الجماعة، لأن المرأة لا تخاطب بالصلاة مع الجماعة، لكن كوني في جملة الراكعين الذين يركعون لله.
• قدم السجود على الركوع، لأنه أفضل وأشرف.
وقيل: إن السجود كان في دينهم قبل الركوع، قال ابن القيم: وهذا قائل ما لا علم له به.