(إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) أي: أنا وأنتم سواء في العبودية له والخضوع والاستكانة إليه.
• معاني الرب في لسان العرب ترجع إلى ٣ أصول: الأول: السيد، والثاني: المالك، والثالث: المصلح للشيء للقائم عليه.
• قال الرازي: ختم كلامه بقوله (إِنَّ الله رَبّى وَرَبُّكُمْ) ومقصوده إظهار الخضوع والاعتراف بالعبودية لكيلا يتقولوا عليه الباطل فيقولون: إنه إله وابن إله لأن إقراره لله بالعبودية يمنع ما تدعيه جهال النصارى عليه، ثم قال (فاعبدوه) والمعنى: أنه تعالى لما كان رب الخلائق بأسرهم وجب على الكل أن يعبدوه، ثم أكد ذلك بقوله (هذا صراط مُّسْتَقِيم).
• وقال في التسهيل: قوله تعالى (إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ) ردّ على من نسب الربوبية لعيسى.
• عبادة الله: هذه دعوة جميع الرسل، الدعوة إلى عبادة الله وحده، وترك الشرك، وهذا معنى: لا إله إلا الله: أي: لا معبود حق إلا الله.
• وأصل العبادة في لغة العرب: الذل والخضوع، وقيل للعبد (عبد) لذله وخضوعه لسيده، فالعبادة: الذل والخضوع على وجه المحبة خاصة، فلا تكفي المحبة دون الذل والخضوع، ولا يكفي الذل والخضوع دون المحبة، لأن الإنسان إذا كان ذله متجرداً عن محبة الله يُبغض الذي هو يذل له، ومن أبغض ربه هلك، وإذا كانت محبةً خالصة لا خوف معها، فإن المُحب الذي لا يُداخله خوف يحمله الدلال على أن يسيء الأدب، ويرتكب أموراً لا تنبغي، والله عز وجل لا يليق به شيء من ذلك. (قاله الشنقيطي)
• فالعبادة تطلق على معنيين: احدهما: التعبد: يعني التذلل لله، كما سبق، وتطلق على المتعبد به (بالنسبة لأفعال العباد) وهي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة القلبية والجوارحية.
• دعوة جميع الرسل الدعوة إلى عبادة الله وحده.
كما قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
وقال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
وكان كل نبي يقول لقومه: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره كما قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).