• قال ابن الجوزي: فان قيل: لم خصَّ أهل الكتاب بأن فيهم خائناً وأميناً والخلق على ذلك، فالجواب: أنهم يخونون المسلمين استحلالاً لذلك، وقد بيَّنه في قوله تعالى (ليس علينا في الأمِّيِّين سبيل) فحذَّر منهم.
• قال في التسهيل: وذكر القنطار مثالاً للكثير؛ فمن أدّاه: أدّى ما دونه، وذكر الدينار مثالاً للقليل، فمن منعه منع ما فوقه بطريق الأولى.
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أي: إنَّمَا حَمَلهم على جُحود الحق أنهم يقولون: ليس علينا في ديننا حَرَج في أكل أموال الأمييّن، وهم العرب؛ فإن الله قد أحلها لنا.
(وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) فيه وجوه:
الأول: أنهم قالوا: إن جواز الخيانة مع المخالف مذكور في التوراة وكانوا كاذبين في ذلك وعالمين بكونهم كاذبين فيه، ومن كان كذلك كانت خيانته أعظم وجرمه أفحش.
الثاني: أنهم يعلمون كون الخيانة محرمة.
الثالث: أنهم يعلمون ما على الخائن من الإثم.
(بَلَى) أي: بلى عليكم حرج وسبيل وإثم في الأميين إذا أكلتم أموالهم وظلمتموهم.
(مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ) منكم يا أهل الكتاب، من الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث وتصديقه فيما جاء به.
(وَاتَّقَى) الله، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
(فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) فضل عظيم للمتقين، الذين يتقون الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.