للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) أي: فيه علامات واضحات كثيرة تدل على شرفه وفضله على سائر المساجد.

(مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) يعني: الذي لَمَّا ارتفع البناء استعان به على رفع القواعد منه والجدران، حيث كان يقف عليه ويناوله ولده إسماعيل، وقد كان ملتصقا بجدار البيت، حتى أخّره عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- في إمارته إلى ناحية الشرق بحيث يتمكن الطُّوَّاف، ولا يُشَوِّشون على المصلين عنده بعد الطواف؛ لأن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة عنده حيث قال (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).

(وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً) يعني: حَرَمُ مكة إذا دخله الخائف يأمنُ من كل سوء، وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية.

كما قال الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ).

وقال تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).

وقال تعالى (وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لّلنَّاسِ وَأَمْناً).

وقال إبراهيم (رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا).

وحتى إنه من جملة تحريمها حُرْمة اصطياد صيدها وتنفيره عن أوكاره، وحُرْمة قطع أشجارها وقَلْع ثمارها.

(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) أي: فرض لازم على المستطيع حج بيت الله العتيق.

• وهذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقيل: بل هي قوله (وأتموا الحج والعمرة لله) والأول أظهر. (تفسير ابن كثير)

تعريف الحج لغة: القصد، يقال: حج كذا بمعنى قصد.

وشرعاً: التعبد لله بأداء المناسك على صفة مخصوصة في وقت مخصوص.

(مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أي: واجب على المستطيع الوصول إليه.

واختلف العلماء في المراد بالسبيل هنا:

فذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالسبيل الزاد والراحلة.

وهذا قول جمهور العلماء.

لحديث ابن عمر. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (السبيل الزاد والراحلة).

قال الشوكاني: ولا يخفى أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضاً فتصلح للاحتجاج بها.

وقال الشنقيطي: حديث الزاد والراحلة لا يقل بمجموع طرقه عن درجة القبول والاحتجاج.

وقد ذكر الترمذي أن أكثر أهل العلم على العمل بها.

وقد روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس في تفسير السبيل أنه قال: أن يصح بدن العبد، ويكون له ثمن زادٍ وراحلة من غير أن يجحف به، وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>