قال أبو حيان: ولما أخبر تعالى أنَّهم مستقرّون في رحمة الله بيَّن أنّ ذلك الاستقرار هو على سبيل الخلود لا زوال منه ولا انتقال، وأشار بلفظ الرّحمة إلى سابق عنايته بهم، وأن العبد وإنْ كثرت طاعته لا يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى.
وقال ابن عباس: المراد بالرحمة هنا الجنة، وذكر الخلود للمؤمن ولم يذكر ذلك للكافر إشعاراً بأنَّ جانب الرحمة أغلب.
وأضاف الرحمة هنا إليه ولم يضف العذاب إلى نفسه، بل قال (فذوقوا العذاب) ولما ذكر العذاب علّله بفعلهم، ولم ينص هنا على سبب كونهم في الرحمة.
(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ) أي: هذه آيات الله وحُجَجه وبيناته.
الإشارة إلى طائفة من آيات القرآن السابقة من هذه السورة كما اقتضاه قوله (نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ).
(نَتْلُوهَا عَلَيْكَ) يا محمد، بواسطة جبريل، كما قال تعالى (وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين).
(بِالْحَقِّ) الباء للمصاحبة، يعني أنها مصحوبة بالحق ونازلة بالحق، صدق في الأخبار، وعدل في الأحكام، وتكون الباء للملابسة، أي:
أنها نزلت من عند الله حقاً بلا شك، وهو يشمل المعنيين جميعاً، فهي نازلة من عند الله حقاً بلا شك، وهي أيضاً نازلة بالحق.
(وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ) أي: ليس بظالم لهم بل هو الحَكَم العدل الذي لا يجوز.