• وهذه الأنهار لا تنضب ولا تنقص، وتجري من غير أخدود.
قال ابن القيم في النونية:
أنهارها في غير أخدود جرت … سبحان ممسكها عن الفيضانِ
(كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ) أي كلما أعطوا عطاء ورزقوا رزقاً من ثمار الجنة قالوا هذا الذي رزقنا من قبل، وقد اختلف العلماء في قوله تعالى (من قبل) على قولين:
فقيل: المراد بقوله (من قبل) أي هذا الذي رزقنا من قبل هذا في الدنيا، ورجحه ابن جرير.
ودليل هذا القول قوله تعالى (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ).
وقيل: المراد بقولهم (من قبل) أي في الجنة، أي هذا الذي رزقنا من قبل من ثمار الجنة، من قبل هذا لشدة مشابهة بعضه بعضاً في اللون والطعم، واحتج هؤلاء بحجج:
منها: أن المشابهة التي بين ثمار الجنة بعضها لبعض، أعظم من المشابهة التي بينها وبين ثمار الدنيا، ولشدة المشابهة قالوا هذا هو.
ومنها: أن من المعلوم أنه ليس كل ما في الجنة من الثمار قد رزقوه في الدنيا، وكثير من أهلها لا يعرفون ثمار الدنيا ولا رأوها.
(وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً) قال ابن جرير: يعني في اللون والمرأى وليس يشبهه في الطعم، قال ابن عباس: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء.
(وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ) الأزواج جمع زوج، وهو شامل للأزواج من الحور العين، ومن نساء الدنيا.
(مُطَهَّرَةٌ) يشمل طهارة الظاهر وطهارة الباطن، فهي مطهرة من الأذى، ومن القذر، لا بول ولا غائط ولا حيض ولا نفاس، مطهرة من كل شيء حسي، مطهرة أيضاً من الأقذار الباطنة، كالغل، والحسد، والكراهية، والبغضاء وغير ذلك.
• قال القرطبي: (مطهرة) نعتٌ للأزواج، ومُطَهّرةٌ في اللغة أجمع من طاهرة وأبلغ؛ ومعنى هذه الطهارة من الحَيْض والبُصاق وسائر أقذار الآدمِيّات.