قال تعالى:( … آخذين ما أتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين).
عاشراً: الكافر إذا رأى العذاب تمنى أن لو أحسن في الدنيا.
قال تعالى (أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين).
• قال ابن رجب: قوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وقد ثبت في "صحيح مسلم" عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- تفسيرُ الزِّيادةِ بالنّظرِ إلى وجهِ الله - عز وجل - في الجنة، وهذا مناسبٌ لجعلِه جزاءً لأهلِ الإحسّانِ؛ لأنَّ الإحسانَ هو أنْ يَعبُدَ المؤمنُ ربّه في الدُّنيا على وجهِ الحُضورِ والمُراقبةِ، كأنّه يراهُ بقلبِهِ وينظرُ إليه في حال عبادتِهِ، فكانَ جزاءُ ذلك النَّظرَ إلى الله عياناً في الآخرة، وعكس هذا ما أخبرَ الله تعالى به عَنْ جَزاءِ الكُفَّار في الآخرةِ (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وجعلَ ذلك جزاءً لحالهم في الدُّنيا، وهو تراكُم الرَّانِ على قُلوبِهم، حتّى حُجِبَتْ عن معرفتِهِ ومُراقبته في الدُّنيا، فكان جزاؤُهم على ذلك أنْ حُجِبوا عن رُؤيته في الآخرة.
• قال الرازي: واعلم أن الإحسان إلى الغير إما أن يكون بإيصال النفع اليه أو بدفع الضرر عنه، أما إيصال النفع إليه فهو المراد بقوله (الذين يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء والضراء) ويدخل فيه إنفاق العلم، وذلك بأن يشتغل بتعليم الجاهلين وهداية الضالين، ويدخل فيه إنفاق المال في وجوه الخيرات والعبادات، وأما دفع الضرر عن الغير، فهو إما في الدنيا وهو أن لا يشتغل بمقابلة تلك الإساءة بإساءة أخرى، وهو المراد بكظم الغيظ، وإما في الآخرة وهو أن يبرئ ذمته عن التبعات والمطالبات في الآخرة، وهو المراد بقوله تعالى (والعافين عَنِ الناس) فصارت هذه الآية من هذا الوجه دالة على جميع جهات الإحسان إلى الغير، ولما كانت هذه الأمور الثلاثة مشتركة في كونها إحسانا إلى الغير ذكر ثوابها فقال (والله يُحِبُّ المحسني) فان محبة الله للعبد أعم درجات الثواب.