• قال ابن عاشور: وقوله: (لقد سمع الله) تهديد، وهو يؤذن بأنّ هذا القول جراءة عظيمة، وإن كان القصد منها التعريض ببطلان كلام القرآن، لأنهم أتوا بهاذه العبارة بدون محاشاة، ولأنّ الاستخفاف بالرسول وقرآنه إثم عظيم وكفر على كفر، ولذلك قال تعالى (لقد سمع) المستعمل في لازم معناه، وهو التهديد على كلام فاحش، إذ قد علم أهل الأديان أنّ الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فليس المقصود إعلامهم بأنّ الله علم ذلك بل لازمه وهو مقتضى قوله (سنكتب ما قالوا).
• اليهود هم الذين قالوا (يد الله مغلولة) وقالوا: إن الله لما خلق السماوات والأرض استراح يوم السبت.
• وسمع الله ينقسم إلى قسمين:
أولاً: سمع إدراك: أي أن الله يسمع كل صوت خفي أو ظاهر.
قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي … ).
هذا السمع قد يراد به الإحاطة، كالآية السابقة.
وقد يراد به التهديد، كقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء).
وقد يراد به التأييد، ومنه قوله تعالى لموسى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) أي أسمعك وأؤيدك.
ثانياً: سمع إجابة: أي أن الله يستجيب لمن دعاه.
ومنه قول إبراهيم (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء) أي مجيب الدعاء.
ومنه قول المصلي (سمع الله لمن حمده) يعني استجاب لمن حمده.
ومنه كقوله -صلى الله عليه وسلم- (اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع) أي: من دعاء لا يستجاب.
• قولهم (نحن الأغنياء) وليتهم اقتصروا على قولهم (إن الله فقير) - مع كونه من أعظم المناكر - لكنهم قالوا (ونحن أغنياء) فجعلوا أنفسهم أكمل من الله، وهذا غاية ما يكون من الوقاحة. (ابن عثيمين).
(سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا) أي: سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوه في صحائف أعمالهم.