(واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) معناه أنهم أخفوا الحق ليتوسلوا به إلى وجدان شيء من الدنيا، فكل من لم يبين الحق للناس وكتم شيئاً منه لغرض فاسد، من تسهيل على الظلمة وتطييب لقلوبهم، أو لجر منفعة، أو لتقية وخوف، أو لبخل بالعلم دخل تحت هذا الوعيد.
• قال ابن عاشور في قوله تعالى في سورة البقرة (ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً) ووجه المشابهة بين إعراضهم وبين الاشتراء، أن إعراضهم عن آيات القرآن لأجل استبقاء السيادة، والنفع في الدنيا يشبه استبدال المشترِي في أنه يعطي ما لا حاجة له به ويأخذ ما إليه احتياجه وله فيه منفعته.
• وقال رحمه الله:(ثمناً قليلاً) وقد أجمل العوض الذي استبدلوا به الآيات فلم يبين أهو الرئاسة أو الرشى التي يأخذونها ليشمل ذلك اختلاف أحوالهم فإنهم متفاوتون في المقاصد التي تصدهم عن اتباع الإسلام على حسب اختلاف همهم.
• قال القرطبي: وهذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل فهي تتناول مَن فعل فعلهم.
سئل الحسن البصري عن قوله تعالى (ثَمَناً قَلِيلاً) قال: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها.
• وصفه الله بأنه قليل، لأن جميع ما في الدنيا قليل (مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى).
• فالثمن القليل: يشمل المال والمنصب والجاه والشهرة والرفعة، فإن أحبار اليهود لو آمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- لذهبت عنهم بعض ما هم فيه من المكانة والمنزلة والرفعة.
وقد صدق من قال من السلف: من أحب أن يعرف ذهب دينه.
قال الحسن -رحمه الله: عقوبة العالم موت القلب، قيل له: وما موت القلب؟ قال: طلب الدنيا بعمل الآخرة (جامع بيان العلم وفضله)