للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال ابن الجوزي قوله تعالى (فقد أخزيته) فيما يتعلق به هذا الخزي قولان:

أحدهما: أنه يتعلق بمن يدخلها مخلداً.

والثاني: أنه يتعلق بكل داخل إليها، وهذا المعنى مروي عن جابر بن عبد الله، واختاره ابن جرير.

(وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) أي: يوم القيامة لا مُجير لهم منك، ولا محيد لهم عما أردت بهم.

والمراد بالظلم هنا الشرك، فإن الشرك ظلم، لأن أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والمشرك ظالم، لأنه وضع العبادة التي هي حق لله تعالى وحده، وضعها في المخلوق الضعيف الفقير أو وضعها لصنم أو حجر أو شجر، ولأجل هذا البيان فإن القرآن يكثر الله فيه إطلاق الظلم على الشرك.

كما قال تعالى عن العبد الصالح (إن الشرك لظلم عظيم).

وثبت في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر قوله (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال: بشرك، ثم تلا قول لقمان (إن الشرك لظلم عظيم).

وقال تعالى (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) أي: من المشركين.

ولم يأت الظلم في القرآن إلا بهذا المعنى، إلا في موضع واحد في سورة الكهف، بمعنى النقص، كما قال تعالى (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) أي ولم تنقص.

• وقد يطلق الظلم على ظلم الإنسان نفسه ببعض المعاصي التي لا تبلغ الكفر، ومنه قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) بدليل قوله في الجميع (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا)، لأن هذا أطاع الشيطان وعصى ربه فقد وضع الطاعة في غير موضعها.

(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ) أي: داعياً يدعو إلى الإيمان، وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

فالأكثر أن الداعي هو محمد عليه الصلاة والسلام.

والدليل عليه قوله تعالى (ادع إلى سَبِيلِ رَبّكَ) (وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ) (أَدْعُو إلى الله).

• قال البغوي: يعني محمداً، قاله ابن مسعود وابن عباس وأكثر المفسرين.

• قال الشوكاني: المنادي عند أكثر المفسرين هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: هو القرآن.

• قوله تعالى (يُنَادِي لِلْإِيمَانِ) أي: (إلى) الإيمان كقوله تعالى (بأن ربك أوحى لها) أي: أوحى إليها، وكقول المؤمنين (الحمد لله الذي هدانا لهذا) أي: إلى هذا، وقيل: اللام للعلة، أي: لأجل الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>