للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا مشروع وقد دلت عليه الشريعة المطهرة.

فمن ذلك ما رواه أنس -رضي الله عنه- قال (أصاب الناس سنة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر قائماً يوم الجمعة، دخل أعرابي فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، هلك المال وجاع العيال وانقطعت السبل فادع الله لنا … ) متفق عليه.

ومن ذلك ما رواه أنس: (أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا -صلى الله عليه وسلم- فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون) رواه البخاري.

ومعنى قول عمر: إنا كنا نتوسل إليك بنبينا -صلى الله عليه وسلم- وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، أي: كنا نقصد نبينا ونطلب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه، والآن وقد انتقل -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس، ونطلب منه أن يدعو لنا.

وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم: اللهم بجاه نبيك أسقنا، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم-: اللهم بجاه العباس أسقنا.

لأن مثل هذا الدعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة.

ومن ذلك ما رواه الحافظ بن عساكر في تاريخه (١٨/ ١٥١/ ١) بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم بن عامر: (أن السماء قحطت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى، فأمره معاوية فصعد على المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثاوت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>