• وقال ابن عاشور: والمقصود بالخطاب ابتداء هم الأزواج، لكيلا يتذرّعوا بحياء النساء وضعفهنّ وطلبهنّ مرضاتَهم إلى غمص حقوقهنّ في أكل مهورهنّ، أو يجعلوا حاجتهنّ للتزوّج لأجل إيجاد كافل لهنّ ذريعة لإسقاط المهر في النكاح.
(صَدُقَاتِهِنَّ) صدقات جمع صدُقَة، وهو المهر، وسمي بذلك لأن بذله دليل على صدق الطالب للمرأة.
(نِحْلَةً) أي: عطية طيبة بها نفوسكم.
• وللصداق عدة أسماء: فيسمى نِحلة كما في هذه الآية (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً).
ويسمى فريضة كما قال تعالى (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً).
ويسمى أجراً كما قال تعالى (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً).
ويسمى طوْلاً كما قال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ).
• قال ابن كثير: إن الرجل يجب عليه دفع الصداق حتماً، وأن يكون طيب النفس بذلك.
(فَإِنْ طِبْنَ) أي: النساء.
(لَكُمْ) أيها الأزواج.
(عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) أي: شيئاً قليلاً أو كثيراً من المهر. و (منه) أي: الصداق.
(فَكُلُوهُ هَنِيئاً) أي: حال الأكل، بكونه مستساغاً طيباً لذيذاً.
(مَرِيئاً) أي: بعد الأكل محمود العاقبة، لا تنغيص فيه ولا كدر ولا مشقة، سهل الهضم ينفع ولا يضر.
• والمقصود هنا أنه حلال لهم خالص عن الشوائب، وخص الأكل لأنه معظم ما يراد بالمال، وإن كانت سائر الانتفاعات به جائزة كالأكل.
• قال الرازي: معنى الآية: فإن وهبن لكم شيئاً من الصداق عن طيبة النفس من غير أن يكون السبب فيه شكاسة أخلاقكم معهن، أو سوء معاشرتكم معهن، فكلوه وأنفقوه، وفي الآية دليل على ضيق المسلك في هذا الباب، ووجوب الاحتياط، حيث بنى الشرط على طيب النفس فقال (فَإِن طِبْنَ) ولم يقل: فإن وهبن أو سمحن، إعلاماً بأن المراعى هو تجافي نفسها عن الموهوب طيبة.
• وقال الشوكاني: قوله (فإن طبن) دليل على أن المعتبر في تحليل ذلك منهن لهم إنما هو طيبة النفس.