للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غَيْرَ مُضَارٍّ) أي: بشرط ألا تكون الوصية والدين مقصوداً بهما أو بأحدهما المضارة للورثة، بأي وجه من أوجه الضرر.

كأن يوصي لوارث، أو بأكثر من الثلث، أو بالثلث فأقل لكن بقصد الإضرار بالورثة والتضييق عليهم وتقليل نصيبهم، وكأن يستدين المريض ديناً يضر بالورثة، أو يقر بشيء ليس عليه.

(وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) أي: عهداً مؤكداً من الله.

(وَاللَّهُ عَلِيمٌ) بكل شيء، شامل لجميع الأشياء، يعلم السر وأخفى، ويعلم ما في الصدور، ويعلم النيات.

• قال الرازي: أي عليم بمن جار أو عدل في وصيته.

(حَلِيمٌ) اسم من أسماء الله، ومعناه: الذي لا يعاجل بالعقوبة.

• قال الطبري: ذو حلم على خلقه، وذو أناة في تركه معاجلتهم بالعقوبة على ظلم بعضهم بعضاً.

• وقال ابن كثير: (حليم غفور) أن يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخِّر ويُنظِر، ويُؤجّل ولا يَعجل، ويستر آخرين ويغفر.

• وقال السعدي: والحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة، والباطنة مع معاصيهم، وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويمهلهم كي ينيبوا.

• قال ابن القيم:

هو الحليم فلا يعاجل عبده … بعقوبة ليتوب من عصيان.

• الآثار المترتبة على الإيمان بهذا الاسم:

أولاً: محبة الله تعالى، حيث إن حلمه العظيم اقتضى الصبر على عباده العصاة، وعدم الاستعجال.

قال تعالى (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).

وقال تعالى (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً).

ثانياً: فتح باب الرجاء وعدم اليأس من رحمة الله، والمبادرة إلى التوبة والإنابة عن الذنوب مهما عظمت، لأنه سبحانه ما أخّر العقوبة على الذنب إلا للإنابة والتوبة.

ثالثاً: من آثار حلمه سبحانه وتعالى، أنه لا يستجيب لاستعجال عباده بإنزال العقوبة بالكافرين.

قال تعالى (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).

رابعاً: مجاهدة النفس بالتخلق بهذا الخلق الكريم ألا وهو صفة الحلم، فهو سبحانه حليم يحب من عباده الحلماء.

وقد أثنى الله على خليله ونبيه إبراهيم بقوله (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>