للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) المراد بذلك: طلوع الشمس من مغربها، كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فعن أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل) متفق عليه.

وعن أبي ذر. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أتدري أين تذهب الشمس إذا غربت؟ قلت: لا أدري، قال: إنها تنتهي دون العرش فتخر ساجدة، ثم تقوم حتى يقال لها: ارجعي، يوشك يا أبا ذر! أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت، وذلك حين (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ .. ) متفق عليه.

وعن أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) رواه مسلم.

وعن أبي موسى قال -صلى الله عليه وسلم- (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من معربها) رواه مسلم.

(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) أي: إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك، فإن كان مصلحاً في عمله فهو بخير عظيم، وإن كان مخلّطاً فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه كما جاء بذلك الأحاديث.

(أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) أي: ولا ينفع المؤمن المقصر أن يزداد خيره بعد ذلك.

• قال ابن الجوزي: وإنما لم ينفع الإيمان والعمل الصالح حينئذ لظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان.

• وقال القرطبي: قال العلماء: وإنما لا ينفع نفساً إيمانُها عند طلوعها من مغربها؛ لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تُخْمَدُ معه كلّ شهوة من شهوات النفس، وتَفْتُر كلّ قوّة من قوى البدن؛ فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدُنُو القيامة في حال من حضره الموت في انقطاع الدّواعي إلى أنواع المعاصي عنهم، وبطلانها من أبدانهم؛ فمن تاب في مثل هذه الحال لم تُقبل توبته، كما لا تُقبل توبة من حضره الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>