• وقال ابن عطية: المقصد الظاهر بهذه الآية أنها في تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك، وأن إخباره عن ضعف الإنسان إنما هو في باب النساء، أي: لمَّا علمنا ضعفكم عن الصبر عن النساء خففنا عنكم بإباحة الإماء، وكذلك قال مجاهد وابن زيد طاوس، ثم بعد هذا المقصد تخرج الآية في مخرج التفضل؛ لأنها تتناول كل ما خفف الله تعالى عن عباده، وجعله الدين يسراً، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاماً، حسبما هو في نفسه ضعيف يستميله هواه في الأغلب.
• وقال في التسهيل: قوله تعالى (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) قيل: معناه: لا يصبر على النساء، وذلك مقتضى سياق الكلام، واللفظ أعم من ذلك.
• وقال القرطبي: قوله تعالى (وَخَلَقَ الإنسان ضَعِيفاً) نصب على الحال؛ والمعنى أن هواه يستميله وشهوته وغضبه يستخفانه، وهذا أشدّ الضعف فاحتاج إلى التخفيف، وقال طاوس: ذلك في أمر النساء خاصة.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ (وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً) أي: وخلق الله الإنسان ضعيفاً، أي لا يصبر عن النساء.
قال ابن المسيِّب: لقد أتى عليّ ثمانون سنة وذهبت إحدى عينيّ وأنا أَعشُو بِالأُخرى وصاحبي أعمى أصَمّ يعني ذكره وإني أخاف من فتنة النساء. (تفسير القرطبي).
• وقال ابن القيم رحمه الله - بعد أن ذكر بعض أقوال السلف في تفسير الآية: والصواب أَن ضعفه يعم هذا كله، وضعفه أَعظم من هذا وأَكثر: فَإنه ضعيف البنية، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف العلم، ضعيف الصبر، والآفات إليه مع هذا الضعف أَسرع من السيل في الحدور.
• ومن هذا نستفيد:
أولاً: أن يعرف الإنسان قدر نفسه فلا يتكبر.
ثانياً: أن يطلب الإنسان القوة من القوي العزيز تبارك وتعالى، بالاعتصام بحبله، والالتجاء إليه، والتوكل إليه.
ثالثاً: الالتجاء إلى الله، وسؤاله الثبات.
رابعاً: الابتعاد عن مواطن الفتن، فمن عرض نفسه للفتن وقع فيها، وفي الحديث (من سمع بالدجال فلينأ عنه).