فكانت التهلكة الإقامة على أموالنا وصلاحها وتركنا الغزو.
• قال ابن الجوزي: قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) فيه خمسة أقوال:
أحدها: على ظاهره، وأن الله حرم على العبد قتل نفسه، وهذا الظاهر.
والثاني: أن معناه: لا يقتل بعضكم بعضاً، وهذا قول ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير.
• ثم ذكر الأقوال وقال:
الخامس: لا تقتلوها بارتكاب المعاصي.
• قال الشوكاني: قوله (وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) أي: لا يقتل بعضكم أيها المسلمون بعضاً إلا بسبب أثبته الشرع، أو لا تقتلوا أنفسكم باقتراف المعاصي، أو المراد النهي عن أن يقتل الإنسان نفسه حقيقة، ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني، ومما يدل على ذلك احتجاج عمرو بن العاص بها حين لم يغتسل بالماء البارد حين أجنب في غزاة ذات السلاسل، فقرّر النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجاجه، وهو في مسند أحمد، وسنن أبي داود وغيرهما.
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) الجملة تعليل للنهي عن أكل الأموال بالباطل وقتل الأنفس، قال الطبري: ومن رحمته بكم كفّ بعضكم عن قتل بعض أيها المؤمنون بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقها.
• وقال ابن كثير: قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فيما أمركم به ونهاكم عنه.
• وقال أبو حيان: قوله تعالى (إن الله كان بكم رحيماً) حيث نهاكم عن إتلاف النفوس، وعن أكل الحرام، وبين لكم جهة الحل التي ينبغي أن يكون قوام الأنفس، وحياتها بما يكتسب منها، لأنّ طيب الكسب ينبني عليه صلاح العبادات وقبولها.
• وقال السعدي: ومن رحمته، أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.
عن عمرو بن العاص. قال (احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صَلَّيت بأصحابك وأنت جُنُبٌ! قال: قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلكَ، فذكرت قول الله عز وجل (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئاً) رواه أبو داود.