للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنه كان عامداً وأنه طمع في جنة الخلد كما في قول إبليس له (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى). والله أعلم.

• ورجح القرطبي الأول، وقال: قلت: وهو الصحيح لإخبار الله تعالى في كتابه بذلك حَتْماً وجَزْماً فقال (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)، ولكن لما كان الأنبياء عليهم السلام يلزمهم من التحفظ والتيقّظ لكثرة معارفهم وعُلُوّ منازلهم ما لا يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكّر النّهي تضييعاً صار به عاصياً؛ أي مخالفاً.

• قال في التسهيل: اختلفوا في أكل آدم الشجرة:

فالأظهر أنه كان على وجه النسيان، لقوله تعالى (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).

وقيل: سكر من خمر الجنة فحينئذٍ أكل منها، وهذا باطل؛ لأن خمر الجنة لا تسكر.

وقيل: أكل عمداً وهي معصية صغرى، وهذا عند من أجاز على الأنبياء الصغائر.

وقيل: تأوّل آدم أن النهي: كان عن شجرة معينة فأكل من غيرها من جنسها.

وقيل: لما حلف له إبليس صدقه؛ لأنه ظنّ أنه لا يحلف أحد كذباً.

(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ) أي استزلهما، وأوقعهما في الزلل وهو الخطأ.

• قوله تعالى (عَنْهَا) قيل المراد (عن الجنة) ويكون المعنى: نحاهما الشيطان عن الجنة، وقيل: (عن الشجرة) ويكون المعنى: أزلهما الشيطان بسببها، أي بسبب أكلهما منها.

• قال في التسهيل: (عَنْهَا) الضمير عائد على الجنة، أو على الشجرة فتكون عن سببية على هذا.

• وقد بين تعالى في موضع آخر كيف أزلهما وذلك بالقسم والإغواء.

كما قال تعالى (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى).

وقال تعالى (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

وقال تعالى عنه (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ).

• قال القرطبي: ولا خلاف بين أهل التأويل وغيرهم أن إبليس كان متولّي إغواء آدم؛ واختلف في الكيفية: فقال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء: أغواهما مشافهة؛ ودليل ذلك قوله تعالى (وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين) والمقاسمة ظاهرها المشافهة.

• الحذر من مكايد الشيطان، فإنه كاد للأبوين بالأيمان الكاذبة أنه ناصح لهما وأنه إنما يريد خلودهما في الجنة.

ومن مكايده: التخويف بالفقر، وتخويفه للمؤمنين من أوليائه فلا يجاهدونهم ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر كما قال تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) وقال تعالى (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَه) المعنى: يخوفكم بأوليائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>