رابعاً: شدة الخوف من الوقوع في الشرك الأصغر، وذلك من وجهين:
أ-الرسول -صلى الله عليه وسلم- تخوف من وقوعه تخوفاً شديداً.
ب-أنه -صلى الله عليه وسلم- تخوف من وقوعه في الصالحين الكاملين فمن دونهم من باب أولى.
خامساً: وفيه الخوف من الرياء، وأنه أخوف ما يخاف على الصالحين، لأن النفوس مجبولة على حب الرياسة والمنزلة في قلوب الخلق إلا من سلمه الله وعصمه.
سادساً: قوله (الرياء) هذا من باب المثال لا من باب الحصر، إذ الشرك الأصغر أنواعه متعددة كالحلف بغير الله، وإنما اقتصر على الرياء لكثرة وقوعه ومشقة دفعه.
(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) أي: أحسنوا بالوالدين إحساناً، وهذا هو الحق الثاني في الآية، وهو حق الوالدين، وقد عطفه الله على حقه لعظم حق الوالدين، كما قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
• قال ابن كثير: ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإن الله سبحانه جعلهما سبباً لخروجك من العدم إلى الوجود.
• وقال القرطبي: قال العلماء: فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان والتزامِ البِرّ والطاعةِ له والإذعانِ مَن قَرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته وشكره بشكره وهما الوالدان؛ فقال تعالى (أَنِ اشكر لِي وَلِوَالِدَيْكَ).
وعن عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (رِضَى الرَّبِّ في رضى الوالدَيْن وسُخْطُه في سُخْط الوالدين).
• وقال ابن عاشور: قوله تعالى (وبالوالدين إحساناً) اهتمام بشأن الوالدين إذ جعل الأمر بالإحسان إليهما عقب الأمر بالعبادة، كقوله (أن اشكر لى ولوالديك)، وقوله (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ووصينا الإنسان بوالديه).
• كثيراً ما يقرن الله تعالى بين عبادته والإحسان إلى الوالدين.
كما قال تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
وقال تعالى (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
وقال تعالى (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).