للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال -صلى الله عليه وسلم- (إن أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقَرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِي النَّارِ) رواه مسلم.

• في هذه الآية خطر الرياء وأنه محبط للعمل.

قال ابن حجر: الرياء بكسر الراء وتخفيف التحتانية والمد وهو مشتق من الرؤية والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها والسمعة بضم المهملة وسكون الميم مشتقة من سمع والمراد بها نحو ما في الرياء لكنها تتعلق بحاسة السمع والرياء بحاسة البصر.

عن جندب عند البخاري مسلم (مَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّه بِهِ، ومَنْ يُرَاَئِي اللَّه يُراَئِي بِهِ» متفقٌ عليه وَرَواهُ مُسْلِمٌ أيضاً مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُمَا.

• قال النووي (سَمَّعَ) بتَشْدِيدِ المِيمِ، وَمَعْنَاهُ: أشْهَرَ عمَلَهُ للنَّاس ريَاءً (سَمَّعَ اللَّه بِهِ) أيْ: فَضَحَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ومَعْنى: «منْ رَاءَى» أيْ: مَنْ أَظْهَرَ للنَّاسِ الْعَمَل الصَّالحَ لِيَعْظُمَ عِنْدهُمْ «رَاءَى اللَّه بِهِ» أيْ: أظْهَرَ سَرِيرَتَهُ عَلى رُؤوس الخَلائِقِ.

• التحذير من الرياء وصية ربانية: الله حذرنا من الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة.

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ … ).

وقال سبحانه (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)

قال ابن كثير: لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيرًا عن الصلاة

التي لا يُرون فيها غالبًا كصلاة العشاء في وقت العتمة وصلاة الصبح في وقت الغلس.

وهو من صفات المنافقين.

قال تعالى في المنافقين (يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>