للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الذهبي - رحمه الله تعالى - عن أبى الحسن القطان - رحمه الله تعالى - قوله: أُصبت ببصري، وأظن أنى عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة.

قال الذهبي: صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام، وإظهار المعرفة، واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم، وسوء القصد ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه فنسأل الله التوفيق والإخلاص.

وقال أبو قلابة لأيوب السختياني: يا أيوب إذا أحدث الله لك علمًا فأحدث لله عبادة، ولا يكونن همك أن تحدث به الناس.

وفي ترجمة ابن جريج: قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج: لمن طلبتم العلم؟!! كلهم يقول: لنفسي. غير أنَّ ابن جريج فإنَّه قال: طلبته للناس.

قال الذهبي - رحمه الله - تعليقًا على هذا الخبر: " قلت: ما أحسن الصدق، واليوم تسأل الفقيه الغبي لمن طلبت العلم؟ فيبادر ويقول: طلبته لله، ويكذب إنَّما طلبه للدنيا، ويا قلة ما عرف منه.

وقال عبد الله بن المعتز: علم المنافق في قوله، وعلم المؤمن في عمله.

قال عمر بن الخطاب: من خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله.

وكان من دعاء عمر: اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.

وقال ابن القيم: العمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجائهم للضر والنفع منهم: لا يكون من عارف بهم البتة، بل جاهل بشأنهم، وجاهل بربه، فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم، ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله.

وقال: إن كل من أعرض عن شيء من الحق وجحده، وقع في باطل مُقابل لما أعرض عنه من الحق وجحده، حتى في الأعمال، من رغب عن العمل لوجه الله وحده ابتلاه الله بالعمل لوجوه الخلق، فرغب عن العمل لمن ضَره ونفعه وموته وحياته وسعادته بيده، فابتليَ بالعمل لمن لا يملك له شيئاً من ذلك.

وكذلك من رغب عن إنفاق ماله في طاعة الله ابتُليَ بإنفاقه لغير الله وهو راغم.

وقال: الوقوف عند مدح الناس وذمهم: علامة انقطاع القلب وخلوه من الله وأنه لم تباشره روح محبته ومعرفته ولم يذق حلاوة التعلق به والطمأنينة إليه.

• قال حامد اللفاف: إذا أراد الله هلاك امرئ عاقبه بثلاثة أشياء.

أولها: يرزقه العلم ويمنعه عن عمل العلماء.

والثانى: يرزقه صحبة الصالحين ويمنعه عن معرفة حقوقهم.

والثالث: يفتح عليه باب الطاعة ويمنعه الإخلاص.

وإنما يكون ذلك المذكور لخبث نيته وسوء سريرته، لأن النية لو كانت صحيحة لرزقه الله منفعة العلم، ومعرفة حقوقهم وإخلاص العمل.

(وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) الإيمان بالله: معناه التصديق بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته مع عمل الجوارح بمقتضى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>