(يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: جحدوا ما وجب الإيمان به والإقرار به.
(وَعَصَوُا الرَّسُولَ) أي: خالفوا أمره، فلم يمتثلوا الأمر، ولم يجتنبوا النهي، لأن المعصية تشمل: التفريط في الأمر وفعل النهي.
(لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) أي: لو انشقت وبلعتهم، مما يرون من أهوال الموقف، وما يحل بهم من الخزي والفضيحة والتوبيخ.
• قال الرازي: ذكروا في تفسير قوله (لوْ تسوى بِهِمُ الأرض) وجوهاً:
الأول: لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى.
والثاني: يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء.
الثالث: تصير البهائم ترابا فيودون حالها كقوله (يا ليتني كُنتُ تراباً).
• قال القرطبي: المعنى لو يسوّي الله بهم الأرض، أي يجعلهم والأرضَ سواء.
ومعنى آخر: تَمنّوا لو لم يبعثهم الله وكانت الأرض مستوية عليهم؛ لأنهم من التراب نقلوا.
• وقال الشنقيطي: قوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) عَلَى الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثِ مَعْنَاهُ
أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنَّ يَسْتُوُوا بِالْأَرْضِ، فَيَكُونُوا تُرَابًا مِثْلَهَا عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ، وَيُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا).
(وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) قال ابن كثير: أخبر تعالى بأنهم يعترفون بجميع ما فعلوه، ولا يكتمون منه شيئاً.
قيل: المعنى يودّ لو أن الأرض سوّيت بهم وأنهم لم يكتموا الله حديثاً؛ لأنه ظهر كذبهم.
وقيل: أن قوله (ولا يكتمون الله حديثاً) كلام مستأنف لا يتعلق بقوله: لو تسوى بهم الأرض، هذا قول الفرّاء، والزجاج، ومعنى: لا يكتمون الله حديثاً: لا يقدرون على كتمانه، لأنه ظاهر عند الله.