قال بعض العلماء: ليس شيء من الشر أضر من الحسد، لأنه يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود مكروه:
أولها: غم لا ينقطع.
والثاني: مصيبة لا يؤجر عليها.
والثالث: مذمة لا يحمد عليها.
والرابع: يسخط عليه الرب.
والخامس: تغلق عليه أبواب التوفيق.
وقال عبد الله بن مسعود: لا تُعادُوا نِعم الله، قيل له: ومَن يعادي نِعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.
يقول الله تعالى في بعض الكتب: الحسود عدوّ نعمتي، متسخط لقضائي، غيرُ راضٍ بقسمتي.
ولمنصور الفقيه:
ألَا قُلْ لمن ظَلّ لي حاسداً … أتدرِي على مَن أسأتَ الأدَبْ
أسأتَ على اللَّه في حكمه … إذا أنتَ لم ترض لي ما وَهَبْ
ولقد أحسن من قال:
اصبر على حسدِ الحسود … فإن صبرك قاتلُه
فالنار تأكل بعضها … إن لم تجد ما تأكُله.
قال بعض الحكماء: الحاسدُ يضرُّ نفسه ثلاث مضرات:
إحداها: اكتساب الذنوب؛ لأن الحسد حرام. الثانية: سوء الأدب مع الله تعالى فإنَّ حقيقة الحسد: كراهية إنعام الله على غيره، واعتراض على الله في فعله.
الثالثة: تألم قلبه وكثرة همه وغمه.
(فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) قيل: بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: بهذا الإيتاء وهذا الإنعام وهذا أصح.
(وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) أي: كفر به وأعرض عنه، أي: ومع ذلك - ومع ما أعطيناهم من الملك والنعم - فقد كذب فريق من ذرياتهم وأممهم ولم يشكروا نعمة الله عليهم إذ جعل النبوة في أجدادهم، بل كفروا النعمة وعصوا الرب.
• قال الرازي: اختلفوا في معنى (به) فقال بعضهم: بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، والمراد أن هؤلاء القوم الذين أوتوا نصيباً من الكتاب آمن بعضهم وبقي بعضهم على الكفر والإنكار.