للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال ابن عاشور: (والأجلُ القريب) مدّة متأخّرة ريثما يتمّ استعدادهم، مثل قوله (فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصدّق)، وقيل: المراد من (الأجل) العمر.

• قال ابن تيمية: وَإِنَّمَا هُوَ عَزْمٌ عَلَى الرِّضَا وَإِنَّمَا الرِّضَا مَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ هَذَا عَزْمًا فَالْعَزْمُ قَدْ يَدُومُ وَقَدْ يَنْفَسِخُ وَمَا أَكْثَرُ انْفِسَاخِ الْعَزَائِمِ خُصُوصًا عَزَائِمَ الصُّوفِيَّةِ؛ وَلِهَذَا قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: بِمَاذَا عَرَفْت رَبَّك؟ قَالَ: بِفَسْخِ الْعَزَائِمِ وَنَقْضِ الْهِمَمِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ: (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) وَقَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) وَفِي التِّرْمِذِيِّ (أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالُوا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ عَلِمْنَا أَيَّ الْعَمَلِ أَحَبّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ) وَقَدْ قَالَ تَعَالَى (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) الْآيَةَ. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى الْجِهَادِ وَأَحَبُّوهُ لَمَّا اُبْتُلُوا بِهِ كَرِهُوهُ وَفَرُّوا مِنْهُ؟

وَمِثْلُ هَذَا مَا يَذْكُرُونَهُ عَنْ سمنون الْمُحِبِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:

وَلَيْسَ لِي فِي سِوَاك حَظٌّ … فَكَيْفَمَا شِئْت فَاخْتَبِرْنِي

فَأَخَذَهُ الْعُسْرُ مِنْ سَاعَتِهِ: أَيْ حَصَرَهُ بَوْلُهُ؛ فَكَانَ يَدُورُ عَلَى الْمَكَاتِبِ وَيُفَرِّقُ الْجَوْزَ عَلَى الصِّبْيَانِ وَيَقُولُ: اُدْعُوا لِعَمِّكُمْ الْكَذَّابِ.

(قُلْ) أي تزهيداً لهم فيما يؤملونه بالقعود عن القتال والتأخير إلى الأجل المقدر من المتاع الفاني وترغيباً فيما ينالونه بالقتال من النعيم الباقي.

(مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ) المتاع: ما يتمتع به ويزول، فمتاع هذه الدنيا قليل من حيث نوعه ومن حيث مدته، فمتاع الدنيا يزول، أو أنت تزول عنه، وكذلك نعيمه فهو قليل بالنسبة لنعيم الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>