• ويجتهد الحاكم في تحميل كل منهم ما يناسبه، فيحمل الأقرب أكثر من الأبعد، والغني أكثر ممن دونه وهكذا، ولو اتفقت العاقلة فيما بينهم على تقدير معين جاز، لأن الأمر راجع إليهم.
والمذهب: أن الجاني ليس عليه شيء من الدية ولو كان غنياً، والقول الآخر في المذهب: أنه يحمل مع العاقلة، لأنهم حملوا بسببه، ولا ينافي ذلك أن الشارع جعل الدية على العاقلة، فإنها من باب التحمل، وهذا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله.
(فَإِنْ كَانَ) المقتول.
(مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) أي: من قوم أعداء لكم، وهم الكفار المحاربون.
(وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي: والحال أنه مؤمن.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أي: فعليه تحرير رقبة مؤمنة.
والمعنى: وإذا كان القتيل من قوم كفار محاربين فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة فقط، ولم يذكر الدية هنا، لأنه لا دية على القاتل، لأن أهل المقتول كفار محاربون، لا عهد لهم ولا ذمة.
• إن كان أولياء القتيل كفار فلا يصح أن تدفع إليهم لأمرين:
الأمر الأول: أنهم قد يتقوون بها على حرب المسلمين.
الأمر الثاني: أنه هو مؤمن وهم كفار، والكافر لا يرث المؤمن.
(وَإِنْ كَانَ) المقتول.
• قال القرطبي: قوله تعالى (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ) هذا في الذمِّي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة؛ قاله ابن عباس والشَّعْبِيّ والنَّخَغِيّ والشافعيّ.
واختاره الطبريّ قال: إلا أن الله سبحانه وتعالى أبهمه ولم يقل وهو مؤمن، كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب.
وإطلاقه ما قيّد قبلُ يدلّ على أنه خلافه.
(مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) أي: بينكم أيها المؤمنون (وبينهم) أي: هؤلاء الكفار (ميثاق) أي: عهد موثق.
• وسمي العهد ميثاقاً، لأنه بمنزلة الحبل، يوثق به المأسور ويربط به.
(فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) أي: فعلى القاتل دية مسلمة إلى أهل المقتول.
• ولم يقل هنا (إلا أن يصدقوا) لأن الصدقة إنما هي معتبرة من أهل الإيمان، وأيضاً فإنه لا ينبغي أن يذل المؤمن ويكون عليه منّة من أهل الكفر، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، لكن لو عفا أهل المقتول فلهم ذلك.
(وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وتحرير وتخليص رقبة بشرط أن تكون مؤمنة.