للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وقال السعدي: يخبر تعالى بفضل المؤمنين الممتحنين (وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِى اللَّهِ) أي: في سبيله، وابتغاء مرضاته (مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ) بالأذية والمحنة من قومهم، الذين يفتنونهم ليردوهم إلى الكفر والشرك، فتركوا الأوطان والخلان، وانتقلوا عنها لأجل طاعة الرحمن فذكر لهم ثوابين، ثوابًا عاجلاً في الدنيا من الرزق الواسع والعيش الهنيئ الذي رأوه عياناً بعدما هاجروا وانتصروا على أعدائهم، وافتتحوا البلدان، وغنموا منها الغنائم العظيمة فتمولوا، وآتاهم الله في الدنيا حسنة، (وَلأَجْرُ الآخِرَةِ) الذي وعدهم الله على لسان رسوله خير، و (أَكْبَرُ) من أجر الدنيا … (لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) أي: لو كان لهم علم ويقين بما عند الله من الأجر والثواب لمن آمن به وجاهد في سبيله، لم يتخلف عن ذلك أحد.

قال -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن العاص (أما عملت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟! وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟! وأن الحج يهدم ما كان قبله؟).

قال النووي: فيه عظيم موقع الإسلام والهجرة والحج، وأن كل واحد منها يهدم ما كان قبله من المعاصي.

سادساً: ومن فضلها أنّها تدحر الشّيطان الرّجيم، حتّى قرنها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام والجهاد في سبيل الله تعالى.

روى الإمام أحمد والنّسائي عن سَبْرَةَ بنِ أبي فَاكِهٍ -رضي الله عنه- قال: سمعت رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول:

(إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ: فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ؟ فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟! فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ؟ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ؟! فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ).

قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي فاطمة الضمري (عليك بالهجرة فإنه لا مثل لها).

قوله -صلى الله عليه وسلم- (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً).

<<  <  ج: ص:  >  >>