للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً) أي: تمنّى وأحبّ الكافرون غفلتكم عن أخذ السّلاح لِيَصلوا إلى مقصودهم؛ فبين الله تعالى بهذا وجَه الحكمة في الأمر بأخذ السلاح، وذكر الحِذْر في الطائفة الثانية دون الأولى لأنها أوْلى بأخذ الحِذْر، لأن العدّو لا يؤخّر قصده عن هذا الوقت لأنه آخر الصلاة؛ وأيضاً يقول العدّو قد أثقلهم السلاح وكَلّوا.

• وفي هذه الآية أدلّ دليل على تعاطي الأسباب، واتخاذ كل ما يُنجي ذوي الألباب، ويوصّل إلى السّلامة، ويبلغ دار الكرامة. [قاله القرطبي].

• ومعنى (مَّيْلَةً وَاحِدَةً) مبالغة، أي مستأصلة لا يُحتاج معها إلى ثانية

(وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) أى: لا إثم عليكم في حالة المطر أو المرض، أن لا تحملوا أسلحتكم اذا ضعفتم عنها.

(وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) أي كونوا متيقظين، وضعتم السلاح أو لم تضعوه وهذا يدل على تأكيد التأهّب والحذر من العدوّ في كل الأحوال وترك الاستسلام؛ فإن الجيش ما جاءه مَصابٌ قطّ إلا من تفريط في حذر. [قاله القرطبي]

وقال الرازي: والمعنى أنه لما رخص لهم في وضع السلاح حال المطر وحال المرض أمرهم مرة أخرى بالتيقظ والتحفظ والمبالغة في الحذر، لئلا يجترئ العدو عليهم احتيالاً في الميل عليهم واستغناماً منهم لوضع المسلمين أسلحتهم.

(إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) من العذاب المهين ما أمر الله به حزبه المؤمنين وأنصار دينه الموحدين من قتلهم وقتالهم حيثما ثقفوهم، ويأخذوهم ويحصروهم، ويقعدوا لهم كل مرصد، ويحذروهم في جميع الأحوال، ولا يغفلوا عنهم، خشية أن ينال الكفار بعض مطلوبهم فيهم.

فلله أعظم حمد وثناء على ما مَنَّ به على المؤمنين، وأيَّدَهم بمعونته وتعاليمه التي لو سلكوها على وجه الكمال لم تهزم لهم راية،

ولم يظهر عليهم عدو في وقت من الأوقات.

(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) أي: فإذا انتهيتم من صلاة الخوف.

(فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) قال القرطبي: ذهب الجمهور إلى أن هذا الذّكر المأمور به إنما هو إثر صلاة الخوف؛ أي إذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله بالقلب واللسان، على أي حال كنتم (قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ) وأديموا ذكره بالتكبير والتهليل والدعاء بالنصر لا سيما في حال القتال، ونظيره (إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا واذكروا الله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>