قال تعالى (إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً).
والقنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع.
الصفة الثالثة: حنيفاً.
والحَنَف: الميل عن الضلال إلى الاستقامة، والحنيفُ: المائل والجنف: ضده.
والأحنف: مَنْ في رجله ميل سمي بذلك تفاؤلاً، وقيل لمجرد الميل.
قال ابن كثير: الحنيف: المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد.
وقد كان ذلك من إبراهيم حتى عُدَّ إمام الحنفاء الموحدين، قال تعالى (ولَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ) وقال (ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ) وهكذا فليكن أولياء الله.
الصفة الرابعة: شاكر.
قال تعالى (شَاكِراً لأَنْعُمِهِ) أي قائماً بشكر نعم الله عليه.
نعمة الله على لسان عبده: ثناء واعترافاً، وعلى قلبه: شهوداً ومحبة، وعلى جوارحه: انقياداً وطاعة.
بالقلب، قال تعالى (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ).
وباللسان، قال تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
وبالجوارح، قال تعالى (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
الصفة الخامسة: الحلم.
قال تعالى (إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ).
والحلم: ضبط النفس والطبع عن الهيجان عند الاستثارة.
والحليم: الكثير الحلم وموقف إبراهيم من مقالة أبيه (لأَرْجُمَنَّكَ).
ومن العتاة قوم لوط حينما مرت به الملائكة وأخبرته بما أمرت بها قال (فلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ).
ولم يكن حلم إبراهيم ذريعة يتذرع للسكوت عن المنكر بل كان يعلن الحق وينكر الباطل (وتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ).