قال ابن كثير: ويجب الحمل على هذا، لأن هذه الأمة أفضل منهم.
لقوله تعالى، خطاباً لهذه الأمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
ولقوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله) رواه أحمد.
ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، … وسميت أحمد، وجعلت أمتي خير الأمم) رواه أحمد.
ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (يدخل الجنة من أمتي زمرة وهم سبعون ألفاً، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر) رواه البخاري.
ومن الآيات المبينة لفضل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على أمة موسى أنه قال في أمة موسى (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) فجعل أعلى مراتبهم الفئة المقتصدة، بخلاف أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فقسمهم إلى ثلاث طوائف، وجعل فيهم طائفة أكمل من الطائفة المقتصدة وذلك في قوله في فاطر (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فجعل فيهم سابقاً بالخيرات، وهو أعلى من المقتصد، ووعد الجميع بظالمهم ومقتصدهم وسابقهم بجنات عدن في قوله (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ).
الجواب الثاني: أن بني إسرائيل أفضل من العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء، وإلى هذا أشار الرازي والقرطبي والشوكاني.
• قال ابن كثير: وفيه نظر، لأن العالمين عام يشمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء، فإبراهيم الخليل قبلهم وهو أفضل من سائر أنبيائهم، ومحمد بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم في الدنيا والَاخرة، صلوات الله وسلامه عليه.
الجواب الثالث: أن المراد بالعالم الجمع الكثير من الناس، فيكون المعنى: فضلتكم على الكثير من الناس لا الكل، وهذا قول الزمخشري في الكشاف، وضعفه الرازي، والصحيح الأول.