للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالسَّلْوَى) عامة المفسرين على أن السلوى طائر حلو اللحم، وهو السُّمَانَى.

قال ابن عطية: السلوى طائر بإجماع المفسرين.

(كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) أي: وقلنا لهم: كلوا من طيبات ما رزقناكم كهذا المنّ والسلوى.

وهما طيبان حساً ومعنى، للذاذة طعمهما وحلِّيتهما شرعاً، لأنهما منّ وفضل من الله جل وعلا.

فالطيّبْ هنا شامل لطيب الإباحة وطيب اللذاذة، لأن الطيبْ يطلق إطلاقين: يطلق طيباً من جهة الإباحة وعدم الشبهة، ويطلق طيباً من جهة اللذاذة وحسن المأكل، وهو جامع لهما هنا.

(وَمَا ظَلَمُونَا) أي: ما نقصونا شيئاً، لأن الله لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة الطائعين.

(وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي: أمرناهم بالأكل مما رزقناهم وأن يعبدونا فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم، هذا مع ما شاهدوه من الآيات البينات، والمعجزات القاطعات، وخوارق العادات، فظلموا أنفسهم بارتكاب المعاصي ومقابلة النعم بالمعاصي.

كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ).

وفي الحديث القدسي ( … يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني … ).

• قال ابن كثير: ومن هنا يتبين فضيلة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم على سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم، مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته، منها عام تبوك في ذلك القيظ والحر الشديد والجهد، ولم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر، مع أن ذلك كان سهلاً على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>